فصل: الفصل الرابع من الباب الرابع من المقالة الثانية في الجهة الشمالية عن ممالك الديار المصرية ومضافاتها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.الفصل الرابع من الباب الرابع من المقالة الثانية في الجهة الشمالية عن ممالك الديار المصرية ومضافاتها:

خلا ما تقدم ذكره مما انضم إلى ممالك المشرق من شمالي الشرق، نحو أرمينية وأران، وأذربيجان، وشمالي خراسان، وشمالي مملكة توران: من خوارزم، وما وراء النهر، وبلاد الأزق، وبلاد القرم، وما والى ذلك وما انضم إلى ممالك المغرب من شمالي الغرب، وهو الأندلس وينقسم ذلك إلى قسمين:
القسم الأول ما بيد المسلمين مما في شرقي الخليج القسطنطيني فيما بينه وبين أرمينية وهي البلاد المعروفة ببلاد الروم قال في التعريف: وتعرف الآن ببلاد الدربندات. وقد سماها في التعريف ومسالك الأبصار بلاد الأتراك، وكانه يريد بالأتراك التركمان، فإنهم هم الذين انضاف ملكها بعد ذلك إليهم، على ما سيأتي بيانه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وقد ذكر تقويم البلدان أنه يحيط بهذه البلاد من جهة الغرب بحر الروم، وعامة الخليج القسطنطيني، وبحر القرم. ومن جهة الجنوب بلاد الشام والجزيرة. ومن جهة الشرق أرمينية. ومن جهة الشمال بلاد الكرج وبحر القرم.
وذكر في التعريف ما يخالف ذلك فقال: إنها منحصرة بين بحري القرم والخليج القسطنطيني، تنتهي من شرقيها إلى بحر القرم المسمى ببحر نيطش وما نيطش، وفي الغرب إلى الخليج القسطنطيني، وتنتهي متشاملةً إلى القسطنطينية، وتنتهي جنوباُ إلى بلاد لاون: وهي بلاد الأرمن يحدها البحر الشامي. وبالجملة فإنها مفارقة ما يسامت من شرقيها من بلاد الأرمن المضافة إلى بلاد الشام من ممالك الديار المصرية. والحاصل أن هذه البلاد مبتدؤها من الشرق مما يلي المغرب حدود أرمينية في شمالي بلاد الجزيرة وما والأها من بلاد الأرمن المضافة الآن إلى مملكة حلب، وتأخذ في جهة الغرب إلى بحر الروم، فيصير البحر في جانبها من الجنوب ويمتد عليها حتى يتصل بالخليج القسطنطيني، فيدور عليها الخليج وما يتصل به من بحر القرم من جهة الغرب ثم من جهة الشمال كالجزيرة ويحيط بها البحر من جميع جوانبها خلا جهة الشرق.
وقد كانت هذه البلاد في زمان الروم من مضافات القسطنطينية وأعمالها. قال في مسالك الأبصار: وقد كانت هذه البلاد على عهد الروم محتك الأعنة، ومشتبك الأسنة، دار القياصرة، ومكسر الأكاسرة. ثو وصفها بأتم الأوصاف، فقال بعد أن ذكر أنها أثرى البلاد: صخورها تتفجر ماء، وجوها يسخر أنواء، تعقد دون السماء سماء، فيخصب زرعها، ويخصم المحل ضرعها، ويخصف ورق الجنة على الحدائق ثمرها وينعها، ويطرب ورقها منظرها البديع، ويحبرها من صناعة صنعاء الربيع، فلا تسمع إلا كل مطربة تناجي النجي، وتشجي الشجي، وتخلب قلب الخلي، وتهب الغواني ما في أطواقها من الحلي، يعجب ثوبها السندسي، ونباتها المتعلق بذيل البهار بسجافها القندسي. فلا تجول في أرضها إلا على أرائك، ولا تنظر إلا نساء كالحور العين وولداناً كالملائك. ثم قال بعد كلامٍ طويل: وهي شديدة البرد لا يوصف شتاؤها، إلا أن سكانها تستعد للشتاء بها قبل دخوله، وتحصل ما تحتاج إليه، وتدخره في بيوتها، وتسكثر من القديد والأدهان والخمور، فتأكل وتشرب مدة أيام الشتاء، ولا تخرج من بيوتها، ولو أرادت ذلك لم تقدر عليه، حتى تذوب الثلوج. قال وهذه الأيام هي بلهنية العيش عندهم.
وينحصر المقصود من ذلك في خمس جمل:

.الجملة الأولى فيما اشتملت عليه من القواعد:

وهي على ضربين:
الضرب الأول: القواعد المستقرة بها الملوك والحكام ممن يكاتب عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية:
فأما ما ذكره المقر الشهابي بن فضل الله من ذلك في التعريف ومسالك الأبصار، فست عشرة قاعدةً عبر عنها في مسالك الأبصار: بممالك. ونحن نوردها على ما أوردها وإن كان قد أخل بها في الترتيب.
القاعدة الأولى- كرميان بكسر الكاف وسكون الراء المهملة والميم وفتح المثناة تحت وألف ثم نون في الآخر. وهي مدينة في شرقي هذه البلاد، متوسطةٌ في المقدار، مبنية بالحجر، عليها سور دائر. وبها مساجد وأسواق وحمامات، وبوسطها قلعةٌ حصينة على جبل مرتفع، وخارجها أنهار تجري وبساتين ذات أشجار وفواكه متنوعة، وأراضٍ مزدرعة.
القاعدة الثانية- طنغزلو بضم الطاء المهملة وسكون النون وضم الغين المعجمة وسكون الزاي المعجمة وضم اللام وواو في الآخر. وهي مدينةٌ متوسطة في أوساط هذه البلاد، وبناؤها بالحجر، وليس لها سور. وبها المساجد والأسواق والحمامات. وخارجها أنهارٌ تجري وبساتين محدقة ذات فواكه وثمار.
القاعدة الثالثة- توازا بضم التاء المثناة فوق وواو مفتوحة بعدها ألف ثم زاي معجمة وألف في الآخر وهي مدينة عظيمةٌ. قال في مسالك الأبصار: وهذه المملكة تقع شرقي كرميان محضاً، وموقعها ما بين جنوبي بركي إلى قوله، وكرسيه توازا. قال: ولصاحبها أربع قلاع ونحو ستمائة قرية، وعساكره نحو أربعة الأف فارس وعشرة الأف راجل. وقد عدها في مسالك الأبصار من جملة مضافات كصطمونية الأتي ذكرها. وذكر أنه كان بها إذ ذاك أميرٌ من قبل صاحبها اسمه مراد بك وذكر في التعريف أن اسمه أرينة.
القاعدة الرابعة- حميدلي. قال في مسالك الأبصار وحميدلي اسم للإقليم، وقاعدته مدينة بركو وموقعها من قوله إلى قراصار. قال: ولصاحبها أيضاً إقليم بلواج وإقليم قراغاج وإقليم اكرى دوز. قال: وهذه البلاد مدنها قليلة وقراها كثيرة، وبها خمس عشرة قلعةً، وعسكر صاحبها خمسة عشر ألف فارس ومثلهم رجالة وهي نهاية ما أخذ إلى الشمال وقد ذكر في التعريف: أن صاحبها كان اسمه في زمانه دندار. قال: وهو أخو يونس صاحب أنطاليا، وحينئذ فتكون من مملكة بني حميد.
القاعدة الخامسة- قسطمونية قال في تقويم البلدان: بفتح القاف وسكون السين وبالطاء المهملتين وضم الميم وسكون الواو وكسر النون وبالياء المثناة من تحت وهاء في الآخر، وربما أبدلوا القاف كافاً، وعليه جرى في التعريف ومسالك الأبصار: وهي مدينةٌ في شرقي هذه البلاد داخلةٌ في الإقليم السادس من الأقاليم السبعة قال ابن سعيد: حيث الطول خمسٌ وخمسون درجةً وثلاثون دقيقة، والعرض ست وأربعون درجة وثمانٌ وأربعون دقيقة. قال: وهي قاعدة التركمان، وتراكمتها يغزون القسطنطينية وهي شرقي هرقلة وفي الجنوب عن سنوب على ثلاثة مراحل منها، وقيل خمس مراحل، وهي في الشرق عن أنكورية على خمسة أيام منها، وقد أخبرني بعض أهل تلك النواحي أنها مدينةٌ متوسطة المقدار، مبنية بالحجر، ذات مساجد وأسواق وحمامات، وليس لها سور، وخارجها أنهر وبستاين ذات فواكه. قال في مسالك الأبصار: وبها الأكاديش الرومية الفائقة، المفضل بعضها على كل سابق من الخيل العراب، ولها أنساب محفوظة عندهم كخيل العرب، يتغالى في أثمانها لا سيما في بلادها، حتى تبلغ قيمة الواحد منها ألف دينار فما فوقه، بل لا يستكثر فيها من يعرفها بذل مال. قال في التعريف: وكانت آخر وقت لسيلمان باشاه وكان أميراً كبيراً كثير العدد، موفور المدد ذا هيبة وتمنع، ثم مات.
وورث ملكه ابنه إبراهيم شاه وكان عاقاً لأبيه، خارجاً عن مراضيه، وكان في حياته ينفرد بمملكة سنوب. قال: وهي الآن داخلة في ملكه، منخرطة في سلكه، قال: وعسكره على ما يقال لنا ويبلغنا نحو ثلاثين ألف فارس.
القاعدة السادسة- فاويا. قال في مسالك الأبصار: ومملكتها تجاور سمسون من غربيها. قال: ولصاحبها عشر مدن مثلها قلاع، وعسكره نحو سبعة الأف فارس، أما الرجالة فكثير عددهم ودرهمها نصف درهم فضة خالصة، ورطلها ستة عشر رطلاً بالمصري، ومدها نحو إردب بالمصري، وأسعارها رخية وقد ذكر في التعريف: أن اسم صاحبها في زمانه مراد الدين حمزة قال: وهو ملكٌ مضعوف، ورجل بمجالس أنسه مشغوف.
القاعدة السابعة- برسا بضم الباء الموحدة وسكون الراء وفتح السين المهملتين وألف في الآخر. وربما أبدلت السين صاداً مهملةً. والموجود في التعريف ومسالك الأبصار وغيرهما إثبات السين دون الصاد، وهي مدينةٌ كبيرةٌ في شمالي هذه البلاد، مبنية بالطوب والحجر، وسقوفها من الخشب، وغالبها جملونات، وبها مساجد وأسواق وحمامات، وبعض حماماتها من أعينٍ حارة تنبع من الأرض كذلك كما في طبرية بالشام، ولها سور عظيم، وبوسطها قلعة شاهقةٌ مرتفعة البناء بها سكن سلطانها، وفيها قصور عظيمة متعددة وجامع وثلاث حمامات.
وخارج ربض المدينة نهران:
أحدهما- يسمى ككدرا بضم الكاف الأولى وسكون الثانية وفتح الدال والراء المهملتين وألف في الآخر، ومعناه وادٍ أزرق، سمي بذلك لأنه يخرج من جبلٍ أزرق، وتقطع منه الحجارة بشد جريه، فتجري منه بجريان الماء فيأخذها من عليه من أهل تلك النواحي فيعمر بها، ومعظم عمارة برسا منها.
والنهر الثاني- يسمى منرباشي في قدر الفرات، يشق المدينة ويمر من جامعها، وبها جبل عظيم اسمه كمش به معدن فضة سمي باسم الفضة.
وبرسا هذه هي مقر مملكة أولاد عثمان جق الذين هم الآن رؤوس ملوكها. وقد ذكر في التعريف: أن صاحبها في زمانه كان أرخان بن عثمان، وذكر في مسالك الأبصار عن الشيخ حيدر العريان: أن عسكره نحو خمسةٍ وعشرين ألفاً، وأن بينه وبين صاحب القسطنطينة الحروب، وأيامها بينهم تارات، له في غالبها على صاحب القسطنطينة الغلب، وملك الروم يداريه، على مال، يحمله إليه في كل هلال. قال: ولقد جاز الجزيرة إلى بلاد النصارى وعاث في نواحيها، وشد على بطارقتها لا على فلاحيها، وألقى علوجها بحيث تعتلج سيول الدماء، وتختلج سيوف النصر من الأعداء، وسيأتي ذكر ما انتهى إليه فتحه من بر القسطنطينة بعد هذا في الكلام على ملوك هذه المملكة فيما بعد إن شاء الله تعالى القاعدة الثامنة- أكيرا. قال في مسالك الأبصار: وهي تجاور مملكة برسا آخذة إلى الشمال وجبل القسيس جنوبيها وسنوب شماليها وهي طريقٌ من طرق سنوب وقلاعها وعساكرها كثيرة. ومنها يخرج الحرير الكثير واللاذن إلى غيرها من البلاد، ورطلها ثمانية أرطال بالمصري، ومدها نحو إردب ونصف وأسعارها رخية وقد ذكر في التعريف: أن صاحبها في زمانه كان صاروخان ابن قراسي ولم يبين من أي طوائف التركمان هو.
القاعدة التاسعة- مرمرا بفتح الميم وسكون الراء المهملة وفتح الميم الثانية وألف في الآخر. وهي مدينة في شمالي هذه البلاد، بها جبل فيه مقطع رخام. قال في الروض المعطار: والروم تسمي الرخام مرمرا، فسميت بذلك. وذكر في التعريف: أن صاحبها في زمانه كان اسمه بخشي بن قراسي ولم يبين من أي طوائف التركمان هو. وقد أخبرني بعض أهل تلك البلاد أنها قد خربت ودثرت، ولم يبق بها عمارةٌ.
القاعدة العاشرة- مغنيسيا بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وكسر النون وسكون الياء المثناة تحت وكسر السين المهملة وفتح الياء الثانية وألف في الآخر. وهي مدينة في أوساط هذه البلاد، متوسطة في المقدار، مبنية بالحجر، وعليها سورٌ دائر، وبها مساجد وأسواق وحمامات وبساتين ومروج. وقد ذكر في التعريف: أنه كان اسم صاحبها في زمانه صاروخان ولم يزد على ذلك.
القاعدة الحادية عشرة- نيف بكسر النون وسكون الياء المثناة تحت وفاء في الآخر. وهي مدينةٌ لطيفةٌ بأواسط هذه البلاد، بالقرب من مغنيسيا المقدم ذكرها على نحو مرحلتين منها، وهي مبنية بالحجر، وبها المساجد والأسواق والحمامات وخارجها الأنهار والزروع والبساتين المختلفة الفواكه.
القاعدة الثانية عشرة- بركي بفتح الباء الموحدة وكسر الراء المهملة وكسر الكاف وياء مثناة تحت في الآخر. وهي مدينةٌ متوسطة القدر على القرب من نيف المقدم ذكرها على نحو مرحلتين منها، وبها المساجد والأسواق والحمامات والمياه والبساتين والزروع.
القاعدة الثالثة عشرة- فوكه، وقد ذكر في التعريف: أن صاحبها في زمانه كان اسمه أرخان بن منتشا واقتصر على ذلك.
القاعدة الرابعة عشرة- أنطاليا قال في تقويم البلدان: بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الطاء المهملة وألف ولام مكسورة وهاء في الآخر. وموقعها في الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة. قال في تقويم البلدان: والقياس أنها حيث الطول أربع وخمسون درجةً واثنتان وثلاثون دقيقةً، والعرض إحدى وأربعون دقيقة. قال ابن سعيد: وهي بلدةٌ مشهورةٌ. وقال ابن حوقل: هي حصنٌ للروم على شط البحر منيعٌ واسع الرستاق كثير الأهل. قال في تقويم البلدان: وهي على دخلة في البحر، وسورها من حجر في غاية الحصانة، ولها بابان: بابٌ إلى البحرٌ، وبابٌ إلى البر. وأخبرني من رآها أنها ذات أشجار وبساتين ومياه تجري. وبها قلعة حصينة بوسطها، وبها نهر يعرف بالصباب، قال في تقويم البلدان: وهي كثيرة المحمضات: من الأترج، والنارنج، والليمون، وما أشبه ذلك. قال ابن سعيد: وكانت للروم فاستولى عليها المسلمون في عصرنا. قال: وبها أسطول صاحب الدروب، وميناها غير مأمونةٍ في الأنواء. قال في تقويم البلدان: وكان الحاكم بها شخصاً من أهل تلك البلاد فخرج منها إلى بعض جهاتها، فكبسها التركمان وملوكها ثم أمسكوه فقتلوه.
قال: وصاحبها في زماننا واحد من بني الحميد ملوك التركمان. وقد ذكر في التعريف: أن صاحبها في زمانه كان اسمه خضر بن يونس. وذكر في مسالك الأبصار: أن صاحبها في زمانه كان اسمه خضر بن دندار من أولاد منتشا. وقال: إن عسكره نحو أربعين ألف فارس. ثم قال: إن لبني دندار هؤلاء إلى ملوك مصر انتماءً وكان بمصر من له إمرةٌ ثم عاد إلى بلاده.
القاعدة الخامسة عشرة- قراصار بفتح القاف والراء المهملة وألف ثم صاد مهملة مفتوحة بعدها ألف ثم راء مهملة في الآخر. وتعرف بقراصار التكا بفتح التاء المثناة فوق. وهي قلعةٌ على جبل مرتفع يحف بها ربضٌ بأعلى الجبل، وحول الربض في الجبل زراعاتهم وبساتينهم. وقد ذكر في التعريف: أن اسم صاحبها في زمانه زكريا ولم يزد على ذلك. وهي غير مدينة قراصار الصاحب، وهي مدينة لطيفة بأوساط بلاد الروم في الغرب عن قراصار هذه وفي الشمال عن أنطاليا.
القاعدة السادسة عشرة- أرمناك بفتح الهمزة وسكون الراء المهملة وكسر الميم وفتح النون وألف ثم كاف في الآخر. وهي مدينة في مشارق الروم، مبنية بالحجر غير مسورة، وبها مساجد وأسواق وحمامات. وبها بساتين كثيرة وفواكه جمة إلا أنها شديدة البرد. وقد ذكر في التعريف: أنها بيد أولاد قرمان. وذكر في مسالك الأبصار: أن المملكة كانت بيد محمد بن قرمان. وذكر في التثقيف: أن آخر من استقر بها في شوال سنة سبع وستين وسبعمائة، علاء الدين علي بك بن قرمان.
وأما ما زاد ذكره في التثقيف: فخمس قواعد: القاعدة الأولى- العلايا بفتح العين المهملة واللام وألف بعدها ثم ياء مثناة تحت وألف في الآخر. وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة. قال في تقويم البلدان: والقياس أنها حيث الطول اثنتان وخمسون درجةً، والعرض تسعٌ وثلاثون درجةً وثلاثون دقيقةً. قال: وهي بلدةٌ محدثة أنشأها علاء الدين علي بعض ملوك بني سلجوق بالروم فنسبت إليه. وقيل له العلائية على النسب، ثم خففها الناس، فقالوا: العلايا ثم قال: والذي تحقق عندي من جماعةٍ قدموا منها أنها بليدة صغيرة أصغر من أنطاليا على دخلة في بحر الروم. وهي من فرض تلك البلاد. وذكر أنها في الجنوب عن أنطاليا على مسيرة يومين، وعليها سورٌ دائر، وأنها كثيرة المياه والبساتين. وقد ذكر في التثقيف: أن الحاكم بها في زمانه كان اسمه حسام الدين محمود بن علاء الدين. وقال: إنه كتب إليه عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية في شوال سنة سبع وستين وسبعمائة، ولم يبين من أي طوائف التركمان هو. وذكر في مسالك الأبصار: أنها في ساحل بلاد بني قرمان، وأن الحاكم بها من قبلهم حينئذ كان اسمه يوسف.
القاعدة الثانية- بلاط بفتح الباء الموحدة واللام وألف ثم طاء مهملة في الآخر، وهي بلدة بأوساط الروم على نحو ثمان مراحل من برسا، وهي مدينةٌ صغيرةٌ، بغير سور، وبها قلعةٌ خرابٌ كانت مبنية بالرخام، وبها مساجد وأسواقٌ وأربع حمامات. ذكر لي بعض أهل تلك البلاد أنها بيد أولاد منتشا من ملوك التركمان.
القاعدة الثالثة- أكردور بفتح الهمزة والكاف وسكون الراء وضم الدال المهملتين وسكون الواو وراء مهملة في الآخر. قال في التثقيف: ويقال أكردون بالنون بدل الراء الأخيرة. وهي بلدة غير مسورة بها قلعة عظيمة على جبل شاهق، وبها مساجد وأسواق وحمامات، إلا أن بساتينها قليلة، وبها برجٌ عظيم.
القاعدة الرابعة- أياس لوق بفتح الهمزة والياء المثناة تحت وألف ثم سين مهملة ساكنة ولام مضموة بعدها واو ساكنة ثم قاف في الآخر. وهي مدينة عظيمة على ساح البحر الرومي، وبها المساجد والأسواق والحمامات، وبها أعينٌ وأنهار تجري وبساتين ذات فواكه. وقد أخبرني بعض أهل تلك البلاد أنها في ملك بني أيدين.
القاعدة الخامسة- سنوب. قال في تقويم البلدان: بالسين المهملة والنون وباء موحدة في الآخر ولم يقيدها بالضبط وموقعها في الإقليم السادس من الأقاليم السبعة قال ابن سعيد: حيث الطول سبعٌ وخمسون درجة، والعرض ستٌ وأربعون درجةً وأربعون دقيقة. قال في تقويم البلدان: وهي فرضة مشهورة يعني على بحر القرم. ثم قال: وهي في الشمال عن كسطمونية في الغرب عن سامسون. قال: وعن بعض الثقات أن بسنوب سوراً حصيناً، يضرب البحر في بعض أبراجه. ولها بساتين كثيرة إلى الغاية، وبينها وبين سامسون نحو أربع مراحل. ثم قال: وصاحب سنوب في زماننا من ولد البرواناه، وله شوانٍ يغزو بها في البحر ولا يكاد أن ينقهر. وذكر في مسالك الأبصار: أنها من مضافات كسطمونية المقدم ذكرها، وأنه كان بها في زمانه نائب من جهة إبراهيم بن سليمان باشاه صاحب كسطمونية اسمه غازي حلبي، وقال في التثقيف: يقال أن بها إبراهيم بك بن سليمان باشاه، فإن كان يريد الذي كان في زمن صاحب مسالك الأبصار: بكسطمونية، فقد أبعد المرمى. وإن كان آخر بعده كان سمي باسمه، فيحتمل أنه في التعريف قد ذكر صاحبها في جملة ملوك الكفر وكأن ذلك كان قبل أن تفتح.
الضرب الثاني من هذه البلاد ما لم يسبق إلى صاحبه مكاتبةٌ عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية ممن بصدد أن تطرا له مكاتبةٌ، فيحتاج إلى معرفته.
البلاد التي لم يسبق مكاتبتها:
وهي عدة قواعد: منها سيواس. قال في تقويم البلدان: بكسر السين المهملة وسكون الياء المثناة تحت وفتح الواو ثم ألف وسين مهملة في الآخر. وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة. قال في الأطوال: حيث الطول إحدى وسبعون درجةً وثلاثون دقيقة، والعرض أربعون درجةً وعشر دقائق. قال ابن سعيد: وهي من أمهات البلاد مشهورةٌ على ألسنة التجار، وهي في بسيط من الأرض. قال في تقويم البلدان: وهي بلدةٌ كبيرة مسورة، وبها قلعة صغيرةٌ ذات أعينٍ، والشجر بها قليل، ونهرها الكبير بعيدٌ عنها بمقدار نصف فرسخ. قال: ويقول المسافرون: إن فيها أربعاً وعشرين خاناً للسبيل، وهي شديدة البرد، وبينها وبين قيسارية ستون ميلاً، وكانت سيواس هذه قد غلب عليها في الأيام الظاهرية برقوق صاحب الديار المصرية قاضيها القاضي إبراهيم وملكها.
ومنها أماسية. قال في تقويم البلدان: بفتح الهمزة والميم وألف وكسر السين المهملة ثم ياء مثناة تحتية مفتوحة وهاء في الآخر. وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة قال في رسم المعمور: حيث الطول سبع وخمسون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض خمسٌ وأربعون درجة. قال في تقويم البلدان: ذكر بعض من رآها أنها بلدة كبيرة ذات سور وقلعة، وفيها بساتين ونهر كبير عليه نواعير يمر عليها ثم يصب في بحر سنوب يعني بحر القرم، قال ابن سعيد: وهي من مدن الحكماء، وهي مشهورةٌ بالحسن وكثرة المياه والبساتين والكروم، وهي في الشرق عن سنوب وبينهما ستة أيام، ثم قال: وذكر بعضها من رآها أن بها معدن فضة.
ومنها هرقلة قال في تقويم البلدان: بكسر الهاء وفتح الراء المهملة وسكون القاف وفتح اللام ثم هاء في الآخر. وموقعها في الإقليم السابع من الأقاليم السبعة قال في الأطوال: حيث الطول سبع وخمسون درجةً وعشرون دقيقةً، والعرض إحدى وأربعون درجةً وثلاثون دقيقةً. قال ابن سعيد: وهي في شرقي نهرٍ ينزل من جبل العلايا إلى نحو سنوب وهرقلة عليه في قرب البحر. قال: وهي التي هدمها الرشيد. قال: وفي شرقيها جبل الكهف.
وقد حكى ابن خرداذبة في كتابه المسالك والممالك عن بعضهم أنه سار إلى هذا الكهف ودخل بمساعدة صاحب الروم فوجد به أمواتاً برواق في كهف في جبلٍ عليهم مسوح قد طال عليها الزمن حتى صارت تنفرك باليد، وقد طليت أجسادهم بالمر فلم يبلوا، ولصقت جلودهم بعظامهم، وجفت، وعندهم سادن يخدمهم، وأنه أنكر أن يكون أولئك أهل الكهف المذكورون في القرآن، للاختلاف في محل الكهف هل هو في هذه البلاد أو غيرها.
ومنها أقسرا. قال في تقويم البلدان: بفتح الهمزة وسكون القاف وفتح السين والراء المهملتين وألف في الآخر، وربما أبدلت السين صاداً مهملة. قال: ويقال أن أصلها أخ سرا يعني بالخاء المعجمة بدل القاف. وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة. قال في الأطوال: حيث الطول خمسٌ وسبعون درجةً، والعرض أربعون درجة. قال في تقويم البلدان: وهي مدينةٌ ذات أشجار وفواكه، ولها نهرٌ كبير ينجر وسط البلد ويدخل الماء منه بعض بيوتها، ولها قلعة حصينة في وسطها. قال ابن سعيد، وبها تعمل البسط الأقصرية الفائقة، ومنها إلى قونية ثمانية وأربعون فرسخاً، وكذلك بينها وبين قيسارية.
ومنها قيسارية. قال في اللباب: بفتح القاف وسكون المثناة من تحتها وفتح السين المهملة وألف ثم راء مهملة وياء مثناة تحتية مفتوحة مشددة وهاء في الآخر قال في تقويم البلدان: وتقال بالصاد المهملة بدل السين. قال ابن سعيد: وهي منسوبة إلى قيسر، وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة.
قال في الأطوال: حيث الطول ستون درجة والعرض أربعون درجةً. قال ابن سعيد: وهي مدينةٌ جليلةٌ يحلها سلطان البلاد. قال في تقويم البلدان: وهي بلدةٌ كبيرةٌ ذات أشجار وبساتين وفواكه وعيون تدخل إليها. وداخلها قلعةٌ حصينة وبها دارٌ للسلطنة.
وقيسارية هذه كان بها تخت السلطنة لبني سلجوق بهذه البلاد. ولما ملك التتر هذه البلاد بقوا بقاياهم في الملك إلى أن دخلها السلطان الملك الظاهر بيبرس صاحب الديار المصرية، وجلس على تخت آل سلجوق بها، ثم عاد إلى الديار المصررية فزال ملك السلجوقية منها من حينئذ، على ما سيأتي ذكره في الكلام على ملوك هذه البلاد.
ومنها قونية. قال في تقويم البلدان: بضم القاف وسكون الواو وكسر النون وبعدها ياء مثناة من تحت مفتوحة وهاء في الآخر. وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة.
قال في الأطوال: حيث الطول ست وخمسون درجة، والعرض تسعٌ وثلاثون درجة.
قال ابن سعيد: وهي مدينةٌ مشهورةٌ، وبها دار للسلطنة، والجبال مطيفةٌ بها من كل جانب، وتبعد عنها من جهة الشمال.
وينزل من الجبل الجنوبي منها نهر يدخل اليها من غربيها؛ وبعا بساتين من جهة الجبل على نحو ستة فراسخ، ونهرها يسقي بساتينها، ثم يصير بحيرة ومروجاً، وبها الفواكه الكثيرة، وفيها يوجد المشمش المعروف بقمر الدين، وهي ثاني قاعدة مملكة السلجوقية ببلاد الروم، كان الملك ينتقل منها إلى قيسارية، ومن قيسارية إليها. قال ابن سعيد: وبقلعتها تربة أفلاطون الحكيم.
ومنها أق شهر بفتح الهمزة ثم قاف ساكنة وشين معجمة مفتوحة وهاء ساكنة وراء مهملة في الآخر.
كما في تقويم البلدان: عمن يوثق به من أهل المعرفة، وربما أبدلوا الهاء ألفاً فقالوا أقشار.
وفي كتاب الأطول: أخ شهر بإبدال القاف خاء معجمة، وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة.
قال في الأطوال: حيث الطول خمس وخمسون درجة، العرض إحدى وأربعون درجة.
قال ابن سعيد: وهي من أنزه البلدان، وبها بساتين كثيرةٌ وفواكه مفضلة.
قال في تقويم البلدان: وأخبرني من رآها أنها على ثلاثة أيام من قونية شمالأ بغرب.
ومنها عمورية. قال في تقويم البلدان: بفتح العين المهملة وميم مشددة مضمومة وواو ساكنة وراءٍ مهملة مكسورةٍ ثم ياء مثناة من تحت مفتوحة وهاء في الآخر.
قال: وهي بلدةٌ كبيرةٌ، ولها قلعةٌ داخلها حصينة، وأكثر ساكنيها التركمان، وبها بساتين قليلةٌ، ولها نهرٌ وأعينٌ جاريةٌ، وهي التي فتحها المعتصم ابن الرشيد، أحد خلفاء بني العباس، ومكان المنجمون قد زعموا أنها لا تفتح إلا في زمان التين والعنب، فلما فتحها أنشده أبو تمام قصيدته التي أولها: [بسيط]
السيف أصدق إنباءً من الكتب ** في حده الحد بين الجد واللعب!

ومنها أنكورية. قال في تقويم البلدان: بفتح الهمزة وسكون النون وضم الكاف وسكون الواو وكسر الراء المهملة ثم ياء مثناة تحتية مكسورة وهاء في الآخر.
ويقال لها أنقرة أيضاً بفتح الهمزة وسكون النون ثم قاف وراء مهملة وهاء في الآخر.
وموقعها في الإقليم الخامس من الأقاليم السبعة.
قال في الأطوال: حيث الطول أربع وخمسون درجة، والعرض إحدى وأربعون درجة.
قال ابن سعيد: وهي بلدة لها قلعة على تل عال، وهي بين الجبال، وليس بها بساتين ولا ماء، وشرب أهلها من الأبار، وهي عن قسطمونية في جهة الغرب على خمسة أيام.
ومنها فلك بار. قال في تقويم البلدان: الفلك معروف، وبار بباء موحدة وألف وراء مهملة في آخرها.
قال: وهي مدينةٌ أنشأها ملكٌ من ملوك بني الحميد اسمه فلك الدين وهي في مستوٍ من الأرض في وسط الجبال على قريب من منتصف الطريق بين قونية والعلايا في الغرب من قونية على مسيرة خمسة أيام، وهي في الشرق عن أنطاليا على مسيرة خمسة أيام.
قال: وليس في تلك الجبال الآن مدينةٌ أكبر منها، وقد صارت قاعدة لبني الحميد: ملوك التركمان بتلك الناحية.
ومنها لارندة. قال في تقويم البلدان: بلام وألف وراء مهملة مفتوحة ونون ساكنة ثم دال مهملة وهاء في الآخر.
قال: وهي قريبةٌ من قونية على مسافة يوم من الشرق والشمال، حيث الطول سبعٌ وخمسون درجة، والعرض أربعون درجة وثلاثون دقيقة.
وقد تقدم في الكلام على مملكة الشام من مضافات الديار المصرية أن مدينة ملطية دخلت في مملكة مصر ومضافاتها فصارت في معاملة حلب.
واعلم أنه قد تقدم أن خليج القسطنطينية، وما اتصل به من بحر نيطش- المعروف ببحر القرم- يطيف بهذه البلاد من غربيها وشماليها، وعلى ساحل هذا البحر عدة فرض منتظمة في سلك هذه البلاد قد ذكرها في تقويم البلدان في الكلام على مملكة أرمينية وما معها، وأشار إليها في الكلام على هذا البحر عند ذكره له في جملة البحار على ما تقدمت الأشارة إليه في الكلام على البحار في أول هذه المقالة، غالبها في مملكة ابن عثمان صاحب برسا.
أولها الجرون. وهي قلعة خراب عند فم الخليج القسطنطيني من الجهة الشمالية مقابل القسطنطينية، حيث الطول خمسون درجة، والعرض خمسٌ وأربعون درجة وعشر دقائق.
ويليها من جهة الشمال بميلة إلى الشرق مدينة اسمها كربي بكاف وراء مهملة ثم باء موحدة وياء مثناة تحت في الآخر.
ويليها في الشرق مدينة اسمها بنتر بباء موحدة ونون وتاء مثناة فوق وراء مهملة.
ويليها في الشرق والشمال بلدة اسمها سامصرى بسين مهملة وألف ثم ميم وصاد وراء مهملتين وألف في الآخر.
ويليها في الشرق أيضاً مدينى كترو بكاف وتاء مثناة من فوق ثم راء وواو في الآخر وهي آخر أعمال القسطنطينية.
ويليها في الشرق مدينة اسمها كينولي بكسر الكاف وسكون المثناة التحتية وضم النون وسكون الواو وكسر اللام ويا مثناة من تحت في الآخر.
ويليها في جنوب الغرب فرضة سنوب المقدم ذكرها في الكلام على ما زاده في التثقيف.
ويليها من جهة الشرق مدينةٌ سامسون المقدم ذكرها في الكلام على الضرب الثاني من هذه البلاد.
ويليها في جهة الشرق أيضاً مدينة أطرابزون بألف وطاء وراء مهمليتن وباء موحدة بعدها زاي معجمة ثم واو ونون.
وهي آخر مدن هذه البلاد على الساحل، ومنها ينتهي إلى ساحل بلاد الكرج على ما تقدم الكلام عليه في الكلام على بحر نيطش.